فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {أرسله معنا غدًا يرتع ويلعب}
فيه خمسة أوجه:
أحدها: نلهو ونلعب، قاله الضحاك.
الثاني: نسعى وننشط، قاله قتادة.
الثالث: نتحارس فيحفظ بعضنا بعضًا ونلهو، قاله مجاهد.
الرابع: نرعى ونتصرف، قاله ابن زيد، ومنه قول الفرزدق.
راحت بمسلمة البغالُ مودعًا ** فارعي فزارة لا هناك المرتع

الخامس: نطعم ونتنعم مأخوذ من الرتعة وهي سعة المطعم والمشرب، قاله ابن شجرة وأنشد قول الشاعر:
أكُفرًا بعد رَدّ الموت عنّي ** وبعد عطائك المائة الرِّتاعا

أي الراتعة لكثرة المرعى.
ولم ينكر عليهم يعقوب عليه السلام اللعب لأنهم عنوا به ما كان مباحًا.
قوله عز وجل: {قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخافُ أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون}
فيه قولان:
أحدهما: أنه قال ذلك لخوفه منهم عليه، وأنه أرادهم بالذئب، وخوفه إنما كان من قتلهم له فكنى عنهم بالذئب مسايرة لهم، قال ابن عباس فسماهم ذئابًا.
والقول الثاني: ما خافهم عليه، ولو خافهم ما أرسله معهم، وإنما خاف الذئب لأنه أغلب ما يخاف منه من الصحارى.
وقال الكلبي: بل رأى في منامه أن الذئب شَدّ على يوسف فلذلك خافه عليه.
{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ}
{وأوحينا إليه} فيه وجهان:
أحدهما: يعني وألهمناه، كما قال تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} [القصص: 7].
الثاني: أن الله تعالى أوحى إليه وهو في الجب، قاله مجاهد وقتادة.
{لتنبئنهم بأمرهم هذا} فيه وجهان:
أحدهما: أنه أوحى إليه أنه سيلقاهم ويوبخهم على ما صنعوا، فعلى هذا يكون الوحي بعد إلقائه في الجب تبشيرًا له بالسلامة.
الثاني: أنه أوحى إليه بالذي يصنعون به، فعلى هذا يكون الوحي قبل إلقائه في الجب إنذارًا له.
{وهم لا يشعرون} فيه وجهان: أحدهما: لا يشعرون بأنه أخوهم يوسف، قاله قتادة وابن جريج.
الثاني: لا يشعرون بوحي الله تعالى له بالنبوة، قاله ابن عباس ومجاهد. اهـ.

.قال الجصاص:

فَلَمَّا أَبْرَمُوا التَّدْبِيرَ وَعَزَمُوا عَلَيْهِ ثَابُوا لِلتَّلَطُّفِ فِي الْوُصُولِ إلَى مَا أَرَادُوا فَقَالُوا: {يَا أَبَانَا مَا لَك لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} إلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ.
وقَوْله تَعَالَى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} قِيلَ فِي يَرْتَعْ: يَرْعَى وَقِيلَ: إنَّ الرَّتْعَ الِاتِّسَاعُ فِي الْبِلَادِ، وَيُقَالُ: يَرْتَعُ فِي الْمَالِ أَيْ هُوَ يَتَّسِعُ بِهِ فِي الْبِلَادِ، وَاللَّعِبُ هُوَ الْفِعْلُ الْمَقْصُودُ بِهِ التَّفَرُّجُ وَالرَّاحَةُ مِنْ غَيْرِ عَاقِبَةٍ لَهُ مَحْمُودَةٍ، وَلَا قَصْدَ فِيهِ لِفَاعِلِهِ إلَّا حُصُولُ اللَّهْوِ، وَالْفَرَحِ، فَمِنْهُ مَا يَكُونُ مُبَاحًا وَهُوَ مَا لَا إثْمَ فِيهِ كَنَحْوِ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَرُكُوبِهِ فَرَسَهُ لِلتَّطَرُّبِ وَالتَّفَرُّجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَحْظُورًا.
وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّعِبَ الَّذِي ذَكَرُوهُ كَانَ مُبَاحًا لَوْلَا ذَلِكَ لَأَنْكَرَهُ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا سَأَلُوهُ إرْسَالَهُ مَعَهُمْ قَالَ: {إنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} فَذَكَرَ لَهُمْ حُزْنَهُ لِذَهَابِهِمْ بِهِ لِبُعْدِهِ عَنْ مُشَاهَدَتِهِ وَأَنَّهُ خَائِفٌ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ الْحُزْنُ، وَالْخَوْفُ، فَأَجَابُوهُ بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ، وَهُمْ جَمَاعَةٌ وَأَنَّ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ لَكَانُوا خَاسِرِينَ.
قَوْله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَشْعُرُونَ بِأَنَّهُ يُوسُفُ فِي وَقْتٍ يُنَبِّئُهُمْ وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ: أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ وَهُوَ فِي الْجُبِّ فَأَعْطَاهُ النُّبُوَّةَ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُنَبِّئُهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا. اهـ.

.قال ابن عطية:

{قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ}
الآية الأولى تقتضي أن أباهم قد كان علم منهم إرادتهم الخبيثة في جهة يوسف. وهذه أنهم علموا هم منه بعلمه ذلك.
وقرأ الزهري وأبو جعفر {لا تأمنا} بالإدغام دون إشمام. ورواها الحلواني عن قالون، وقرأ السبعة بالإشمام للضم، وقرأ طلحة بن مصرف {لا تأمننا} وقرأ ابن وثاب والأعمش {لا تيمنا} بكسر تاء العلامة.
و{غدًا} ظرف أصله: غدو، فلزم اليوم كله، وبقي الغدو اسمين لأول النهار، وقال النضر ابن شميل: ما بين الفجر إلى الإسفار يقال فيه غدوة. وبكرة.
وقرأ أبو عمرو وأبو عامر: {نرتعْ ونلعبْ} بالنون فيهما وإسكان العين والباء، ونرتعْ- على هذا- من الرتوع وهي الإقامة في الخصب والمرعى في أكل وشرب، ومنه قول الغضبان بن القبعثري: القيد والرتعة وقلة التعتعة. ومنه قول الشاعر: الوافر:
...... ** وبعد عطائك المائة الرتاعا

ولعبهم هذا دخل في اللعب المباح كاللعب بالخيل والرمي ونحوه، فلا وصم عليهم في ذلك، وليس باللعب الذي هو ضد الحق وقرين اللهو، وقيل لأبي عمرو بن العلاء: كيف يقولون: نلعب وهم أنبياء؟ قال: لم يكونوا حينئذ أنبياء.
وقرأ ابن كثير: {نرتعِ ونلعبْ} بالنون فيهما، وبكسر وجزم الباء، وقد روي عنه {ويلعب} بالياء، وهي قراءة جعفر بن محمد. و{نرتعِ}- على هذا- من رعاية الإبل: وقال مجاهد هي من المراعاة: أي يراعي بعضنا بعضًا ويحرسه، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي {يرتع ويلعب} بإسناد ذلك كله إلى يوسف، وقرأ نافع {يرتعِ} بالياء فيهما وكسر العين وجزم الباء، ف {يرتعِ}- على هذا- من رعي الإبل؛ قال ابن زيد: المعنى: يتدرب في الرعي وحفظ المال؛ ومن الارتعاء قول الأعشى:
ترتعي السفح فالكثيب فذاقا ** ن فروض القطا فذات الرئال

قال أبو علي: وقراءة ابن كثير- {نرتع} بالنون و{يلعب} بالياء- فنزعها حسن، لإسناد النظر في المال والرعاية إليهم، واللعب إلى يوسف لصباه.
وقرأ العلاء بن سيابة، {يرتع ويلعبُ} برفع الباء على القطع. وقرأ مجاهد وقتادة: {نُرتِع} بضم النون وكسر التاء و{نلعبْ} بالنون والجزم. وقرأ ابن كثير- في بعض الروايات عنه- {نرتعي} بإثبات الياء- وهي ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر كما قال الشاعر: الوافر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي ** بما لاقت لبون بني زياد

وقرأ أبو رجاء {يُرتعْ} بضم الياء وجزم العين و{يلعبْ} بالياء والجزم.
وعللوا طلبه والخروج به بما يمكن أن يستهوي يوسف لصباه من الرتوع واللعب والنشاط.
وقوله تعالى: {إني ليحزنني} الآية.
قرأ عاصم وابن كثير والحسن والأعرج وعيسى وأبو عمرو وابن محيصن {ليَحزُنني} بفتح الياء وضم الزاي، قال أبو حاتم: وقرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي والإدغام، ورواية روش عن نافع: بيان النونين مع ضم الياء وكسر الزاي في جميع القرآن، وأن الأولى فاعلة والثانية مفعولة ب: {أخاف}. وقرأ الكسائي وحده: {الذيب} دون همز وقرأ الباقون بالهمز- وهو الأصل منه جمعهم إياه على ذؤبان، ومنه تذاءبت الريح والذئاب إذا أتت من هاهنا وها هنا. وروى رش عن نافع: {الذيب} بغير همز، وقال نصر: سمعت أبا عمرو لا يهمز، قال: وأهل الحجاز يهمزون.
وإنما خاف يعقوب الذئب دون سواه، وخصصه لأنه كان الحيوان العادي المنبت في القطر، وروي أن يعقوب كان رأى في منامه ذئبًا يشتد على يوسف.
قال القاضي أبو محمد: وهذا عندي ضعيف لأن يعقوب لو رأى ذلك لكان وحيًا، فإما أن يخرج على وجهه وذلك لم يكن، وإما أن يعرف يعقوب بمعرفته لعبارة مثال هذا المرئي، فكان يتشكاه بعينه، اللهم إلا أن يكون قوله: {أخاف أن يأكله الذئب} بمعنى أخاف أن يصيبه مثل ما رأيت من أمر الذئب- وهذا بعيد- وكذلك يقول الربيع بن ضبع: المنسرح:
والذئب أخشاه....

إنما خصصه لأنه كان حيوان قطره العادي، ويحتمل أن يخصصه يعقوب عليه السلام لصغر يوسف: أي أخاف عليه هذا الحقير فما فوقه، وكذلك خصصه الربيع لحقارته وضعفه في الحيوان، وباقي الآية بيّن.
وقوله تعالى: {فلما ذهبوا به} الآية، أسند الطبري إلى السدي قال: ذهبوا بيوسف وبه عليهم كرامة، فلما برزوا في البرية أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه فيستغيث بالآخر فيضربه به فجعل لا يرى منهم رحيمًا، فضربوه حتى كادوا يقتلونه، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه يا يعقوب لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء، فقال لهم يهوذا: ألم تعطوني موثقًا أن لا تقتلوه؟ فانطلقوا به إلى الجب، فجعلوا يدلونه فيتعلق بالشفير فربطوا يديه ونزعوا قميصه. فقال: يا إخوتاه ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجب، فقالوا: ادعُ الشمس والقمر والكواكب تؤنسك؛ فدلوه حتى إذا بلغ نصف الجب ألقوه إرادة أن يموت، فكان في الجب ماء فسقط فيه ثم قام على صخرة يبكي، فنادوه، فظن أنهم رحموه، فأجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة، فمنعهم يهوذا، وكان يأتيه بالطعام.
وجواب: {لما} محذوف تقديره: {فلما ذهبوا به وأجمعوا} أجمعوا، هذا مذهب الخليل وسيبويه وهو نص لهما في قول امرئ القيس: الطويل:
فلما أجزنا ساحية الحي وانتحى

ومثل هذا قول الله تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين} [الصافات: 103]- وقال بعض النحاة- في مثل هذا-: إن الواو زائدة- وقوله مردود لأنه ليس في القرآن شيء زائد لغير معنى.
و{أجمعوا} معناه: عزموا واتفق رأيهم عليه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم- في المسافر- «ما لم يجمع مكثًا»، على أن إجماع الواحد قد ينفرد بمعنى العزم والشروع، ويتصور ذلك في إجماع إخوة يوسف وفي سائر الجماعات- وقد يجيء إجماع الجماعة فيما لا عزم فيه ولا شروع ولا يتصور ذلك في إجماع الواحد.
والضمير في: {إليه} عائد إلى يوسف. وقيل على يعقوب، والأول أصح وأكثر، ويحتمل أن يكون الوحي حينئذ إلى يوسف برسول، ويحتمل أن يكون بإلهام أو بنوم- وكل ذلك قد قيل- وقال الحسن: أعطاه الله النبوءة وهو في الجب. قال القاضي أبو محمد: وهذا بعيد.
وقرأ الجمهور: {لتنبئنهم} بالتاء، وفي بعض مصاحف البصرة بالياء، وقرأ سلام بالنون، وهذا كله في العلامة التي تلي اللام. وقوله: {وهم لا يشعرون} قال ابن جريج: وقت التنبيه إنك يوسف. وقال قتادة: لا يشعرون بوحينا إليه. قال القاضي أبو محمد: فيكون قوله: {وهم لا يشعرون}- على التأويل الأول- مما أوحي إليه- وعلى القول الثاني- خبر لمحمد صلى الله عليه وسلم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا على يُوسُفَ} قيل للحسن: أيحسِد المؤمن؟ قال: ما أنساك ببني يعقوب! ولهذا قيل: الأب جلاّب والأخ سلاّب؛ فعند ذلك أجمعوا على التفريق بينه وبين ولده بضرب من الاحتيال.
وقالوا ليعقوب: {يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} وقيل: لما تفاوضوا وافترقوا على رأي المتكلم الثاني عادوا إلى يعقوب عليه السلام وقالوا هذا القول.
وفيه دليل على أنهم سألوه قبل ذلك أن يخرج معهم يوسف فأبى على ما يأتي.
قرأ يزيد بن القَعْقَاع وعمرو بن عُبيد والزّهْريّ {لاَ تَأَمَنَّا} بالإدغام، وبغير إشمام وهو القياس؛ لأن سبيل ما يدغم أن يكون ساكنًا. وقرأ طلحة بن مُصَرِّف {لاَ تَأْمَنُنّا} بنونين ظاهرتين على الأصل. وقرأ يحيى بن وثّاب وأبو رَزِين وروي عن الأعمش {لا تِيْمّنَّا} بكسر التاء، وهي لغة تميم؛ يقولون: أنت تِضرب؛ وقد تقدّم.
وقرأ سائر الناس بالإدغام والإشمام ليدلّ على حال الحرف قبل إدغامه.
{وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} أي في حفظه (وحيطته) حتى نردّه إليك.
قال مقاتل: في الكلام تقديم وتأخير؛ وذلك أن إخوة يوسف قالوا لأبيهم: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} الآية؛ فحينئذ قال أبوهم: {إنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} فقالوا حينئذ جوابًا لقوله: {مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} الآية. {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} إلى الصحراء.
{يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} {غدًا} ظرف، والأصل عند سيبويه غَدْوٌ، وقد نطق به على الأصل؛ قال النّضر بن شميل: ما بين الفجر وصلاة الصبح يقال له غُدوة، وكذا بُكرة.
{نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ} بالنون وإسكان العين قراءة أهل البصرة. والمعروف من قراءة أهل مكة. {نَرْتَعِ} بالنون وكسر العين. وقراءة أهل الكوفة. {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بالياء وإسكان العين. وقراءة أهل المدينة بالياء وكسر العين؛ القراءة الأولى من قول العرب رَتَع الإنسان والبعير إذا أَكَلا كيف شاءا؛ والمعنى: نتسع في الخِصب؛ وكل مخصِب راتع؛ قال:
فارعَيْ فزارةُ لا هَنَاكِ المَرْتَعْ

وقال آخر:
تَرْتَعُ ما غَفَلتْ حتى إذا ادّكرتْ ** فإنمَّا هي إقبالٌ وإدبارُ

وقال آخر:
أكفرًا بعد رَدِّ الموتِ عنِّي ** وبعد عَطائِكَ المائةَ الرتِّاعَا

أي الراتعة لكثرة المرعى.
وروى مَعْمر عن قَتَادة {ترتع} تسعى؛ قال النحاس: أخذه من قوله: {إنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} لأن المعنى: نستبق في العَدْو إلى غاية بعينها؛ وكذا {يرتع} بإسكان العين، إلا أنه ليوسف وحده صلى الله عليه وسلم.